رواية الطاووس الأبيض (الجزء الثاني) - الفصل (51)

الصفحة الرئيسية
بقلم الكاتبة منال سالم رواية الطاووس الأبيض (الجزء الثاني) قراءة الفصل الحادي والخمسون (51) على مدونة كلام كتب للقراءة والتحميل "pdf"
رواية الطاووس الأبيض (الجزء الثاني) - منال سالم
رواية الطاووس الأبيض (الجزء الثاني) - منال سالم
ملحوظة: للوصول أسرع إلى الرواية أكتب في جوجل (أسم الرواية + مدونة كلام كتب)

الفصل الحادي والخمسون (51) من رواية الطاووس الأبيض الجزء الثاني

أصرت على تبديل ثيابها المنزلية العادية بأخرى أكثر إغراءً، تصلح لليلتها المؤجلة، انتظر "هيثم" على جمرات متقدة، متلهفًا لرؤية زوجته الفاتنة، وتعمدت الأخيرة التباطؤ في الخروج من الحمام لإكساب نفسها المزيد من الثقة، والتغلب على الرهبة الغريزية الخاصة بتلك الأمور الحميمية. طــال غيابها، وضجر العريس المتلهف من كثرة الانتظــار، فتخلى عن رقدته المترقبة بالفراش ليذهب إليها عند الحمام، دق بابه متسائلاً بأنفاسٍ جاهد لتبدو أقل حماسًا:
-"هموسة"، إيه يا حبيبتي؟ إنتي هتباتي جوا؟
أتاه صوتها معتذرًا:
-سوري.. إديني وقتي وهطلعلك.
احتج على مماطلتها مرددًا بتبرمٍ مازح:
-وقتك إيه بس.. ما أنا قاعد على الدكة بقالي كذا يوم ..
رفع يده استعدادًا لطرق الباب مجددًا، لكن قبل أن تصل يده للكتلة الخشبية، فتح من تلقاء نفسه، وأطلت عروسه الجميل بثوبٍ حريريٍ من اللون الأبيض، غطى كامل جسدها، فيما عدا صدرها وكتفيها؛ فقد كان مكشوفًا بشكل يحفز المشاعر الكامنة على التحرك بإثارة ورغبة. توهجت عيناه بمزيد من الشوق والتهلف، بالكاد تجزم أن لعابه قد ســال لرؤيتها متضرجة بحمرتها الخجلة، ونظراتها المليئة بالحياء. التوت شفتاه عن ابتسامة عريضة، وهتف يتغزل بها:
-ماشاءالله على الجمال.. ده إيه ده؟!
توترت من تغزله الصريح، وحاولت إخفاء مفاتنها المغرية بعقد ساعديها أمام صدرها، لم تنظر نحوه وهي ترد باقتضابٍ خافت:
-شكرًا.
التف ذراعه حول خصرها، ليضمها إلى صدره، ويشعر بدفء بشرتها على جسده، ثم همس لها وهو يحني رأسه على وجنتها ليقبلها:
-ده أنا عندي كلام كتير هاقوله للصبح.
رجته بقلقٍ لم تستطع التغلب عليه:
-بالراحة ممكن.
قال دون أن تفتر ابتسامته:
-ده احنا على أقل من مهلنا.
نظرة أخرى استقرت على منحنياتها اللافتة، وقال بتشوقٍ أكبر، وأصابعه قد اتخذت دورها في مداعبة مشاعرها:
-هو أنا ورايا إلا إنتي يا "هموس".
...............................................................
أطلقت زغرودة مبتهجة بمجرد أن أطلعتها ابنتها على إتمام مراسم زيجتها، لم تتمكن "آمنة" من إخفاء مشاعرها الأمومية الفرحة لإثبات طهر وعفة ابنتها، خاصة لكون تلك المسألة مرتبطة بسمعة وشرف العائلة. استراح صدرها، وانعكست غبطتها على تعبيراتها، فازدادت إشراقًا. اقتربت من "سعاد"، وأخفضت رأسها عليها لتعلمها بالأمر، شاركتها الأخيرة أيضًا في فرحتها، وربتت على كتفها قائلة بابتسامة نضرة:
-عقبال نهار فرحتنا بـ "فيروزة".
رد بوجه ضاحك:
-يا رب يا "سعاد"، وتكوني إنتي واقفلها.
على الفور هتفت دون تفكير:
-طبعًا، دي الغالية عندي.
في تلك الأثناء، وكعادتها المتلصصة، رأتهما يتهامسان في خفوت، فاشرأبت بعنقها للأعلى لتلمح الاثنتين تثرثران بضحكٍ خجل. استثار الأمر حفيظتها، وبعجرفة لا تليق بها اقتحمت "حمدية" المطبخ لتتطفل عليهما؛ لكنها لم تفهم ما يتحدثان عنه بصوتهما الهامس، بدا حوارهما كالألغاز. لاكت آخر قطعة من ثمرة الموز لتنتهي كليًا من التهام ما في طبقها، ثم ألقت بالبقايا في سلة القمامة، وضعت الصحن في الحوض دون أن تكلف نفسها عناء تنظيفه، وتساءلت بفضولٍ واضح، ونظراتها تحوم حول كلتيهما:
-بتتودودا في إيه كده؟
التفتت "سعاد" نحوها، وأجابتها بفرحة لا تقل عن رفيقتها الطيبة:
-باركي لـ"آمنة"، بنتها خشت على عريسها، وكله تمام والحمدلله.
لم يظهر الرضا على ملامحها، وقالت باقتضابٍ:
-كويس..
تفرست "سعاد" في تعبيراتها المتجهمة، وسألتها مباشرةً:
-هو إنتي مش فرحنالها ولا إيه؟
ابتسمت على مضضٍ، وأنكرت على الفور:
-لأ إزاي..
ثم تأوهت من الإرهــاق، وتعللت كاذبة:
-بس تلاقيني مش مركزة كده اليومين دول، حيلي مهدود من السفر، و"خليل" والعيال ما بيريحوش نفسهم.
من لا يعرف طبيعة شخصها الكسول، لاعتقد بالفعل أنها تفني كل مجهودها لأجل أسرتها؛ لكنها كانت أبعد عن ذلك بكثير. تجاهلت "سعاد" لغوها التافه، وقالت بما يشبه إملاء الأوامر:
-طيب يالا عشان نحط الأكل للرجالة، وبعدها نجهز لليلتنا التانية، لأحسن النهاردة وارنا حاجات كتير، والوقت بيجري بسرعة.
لم يمنع فضول "حمدية" من سؤال "سعاد" بوقاحةٍ:
-صحيح، إنتو اتحشرتوا ليه في موضوع بنت "رياض"؟
أجابت عليها الأخيرة بتمهلٍ:
-إنتي عارفة الحاج "اسماعيل"، طول عمره حقاني، مخلصوش اللي حاصل معاها، وبعدين ما هي زي بناته، مايخيرهاش عنهم.
لوت ثغرها مغمغمة بضيقٍ تلون به وجهها:
-أيوه..
دنت منها "سعاد"، وبادلتها ابتسامة صافية خالية من أي ضغائن، قبل أن تنطق:
-وعقبال ما يقف لولادك.
ردت "حمدية" بتكلفٍ، وامتعاضة صريحة على وجهها:
-إن شاءالله يا حبيبتي.
ثم رمقتها بنظرة حاقدة، لتبعد وجهها عنها، وهمست لنفسها في غلٍ ينبع في صدرها:
-يا بختك بيه، كان زماني مرات الكبير، والكل بيخدم عليا!
.......................................................
كلتاهما جلستا تتحدثان على انفرادٍ لبعض الوقت في غرفة خالية من الزحام، وبعيدًا عن الحركة غير الاعتيادية لأصحاب المنزل، أو حتى الضيوف القادمين للمكوث به. حظيت الاثنتان ببعض الخصوصية، فدفعهما ذلك للبوح بمكنونات القلب المتعب؛ حيث ربطت بينهما صداقة بعيدة، واحتفظت -رغم مضي العمر، وانشغال الجميع- بنفس الود، والمحبة، والتفاهم. مشطت "فيروزة" شعر رفيقتها بتمهلٍ بطيء، لتعطيها ذلك الدلال الرقيق الذي افتقدته، وتأملت انعكاس تعبيراتها الذابلة في المرآة. رأت ذاك اللمعان الخفي في حدقتيها، وربما طغى بريقه الغريب على الحزن المرسوم على ملامحها المهمومة، تركت المشط على التسريحة، والتفتت نحوها تهنئها، وعيناها تتطلعان إليها:
-مبروك يا "أسيف"، وربنا يتمملك على خير.
ابتسمت برقةٍ وهي ترد:
-الله يبارك فيكي يا "فيروزة".
تنهيدة بطيئة تحررت من صدرها قبل أن تعلقٍ:
-أنا مش عارفة أقولك إيه على موضوع البيت، قلبي عندك.
لمحة حزن أخرى طفت على صفحة وجهها، وتضاعف معها ذلك اللمعان المؤلم في عينيها، لحظات استغرقتها في الصمت، لتقطعه بعدها قائلة:
-الحمدلله..
ردت عليها "فيروزة" بنوعٍ من المواساة اللطيفة:
-كله بيعدي، وإن شاءالله اللي جاي يبقى أحسن.
عقبت عليها "أسيف" بقلبٍ ملتاعٍ يئن من آلام الفقد:
-صدقيني مافيش بعد الأم والأب أي حاجة تتعوض.
نكست رأسها قليلاً وهي ترد بصوتٍ بدا متأثرًا:
-معاكي حق...
قاومت "فيروزة" تلك الغصة التي اجتاحت حلقها، وحاولت تبديد الأجواء الحزينة بأخرى فرحة ومناسبة لهذا الطرف السعيد، فاستطردت قائلة باهتمامٍ:
-بس شكل خطيبك ده ابن بلد وجدع..
نظرت "أسيف" نحوها، وقالت ببسمة باهتة:
-ايوه..
أضافت عليها رفيقتها بنوعٍ من الغموض المُحير:
-بس أنا حاسة إني شوفته قبل كده.. يعني ملامحه مش غريبة عليا.
بمنطقيةٍ أوضحت لها "أسيف":
-هو بيتنقل من مكان لمكان، بيجيب بضاعة، بيودي شغل، ويستلم من كذا حتة.
ردت في تفهمٍ:
-ربنا معاه ..
ثم تشجعت لتسألها دون مراوغة:
-وعلى كده إنتي بتحبيه يا "أسيف"؟
برقت عيناها بوميضٍ لم يكن قلقًا، ومع هذا خجلت من منحها الجواب. لم تحاول "فيروزة" الضغط عليها لاستخراج الرد من بين شفتيها، لكنها استنتجت من صمتها، وتورد بشرتها وجود بعض المشاعر الودودة والإيجابية نحوه .. ابتسمت بلطفٍ لها، وأضافت مغيرة مجرى الحوار:
-ربنا يسعدك معاه، وعمتك وبناتها كويسين معاكي؟
تنفست "أسيف" بعمقٍ أولاً، أمهلت نفسها الفرصة لتعطيها ردًا محايدًا:
-يعني الوضع كان صعب علينا كلنا، أنا مش عارفاهم، وهما نفس الكلام، وأدينا بنتعامل.
تفهمت "فيروزة" اقتضابها في الحديث معها، فتلك طبيعتها الكتومة، لم تعتد على الإفصــاح عما يجيش في صدرها بسهولة، كانت والدتها الراحلة "حنان" الأقرب إليها، ومن قبلها كان والدها "ريــاض"، كما أنها لم تكن من النوع الاجتماعي المختلط بالآخرين، تحبذ غالبًا قضاء وقتها بصحبة أهلها إلى أن تبدلت أحوالها بين عشية وضحاها. ظلت رفيقتها هادئة في تعبيراتها، وأضافت تشجعها:
-تمام .. أهم حاجة عندي تكوني مبسوطة ومرتاحة يا "سوفي"
ابتسمت قائلة لها عن رضا:
-الحمدلله.
عقدت "فيروزة" ذراعيها أمام صدرها، وتابعت القول بنوعٍ من التهكم:
-كويس إنكو هتعملوا كتب الكتاب هنا، بصراحة، ومن غير زعل كده، عم "فتحي" يتفاتله بلاد.
عاد الحزن ليحتل نظرات "أسيف"، أغمضت عينيها، وردت بزفيرٍ منزعج:
-ربنا يهديه.
أرخت صديقتها ساعديها، ووضعت يدها على كتفها لتضغطت عليها، ثم قالت بنوعٍ من التفاؤل:
-ماتقلقيش طول ما عمي "اسماعيل" موجود، وإن شاءالله هتبقى ليلة جميلة.
قالت مجاملة بابتسامة مقتضبة:
-يا رب.. بس كان نفسي أشوف "همسة".
ضحكت "فيروزة" وهي توضح لها سبب غيابها:
-عروسة جديدة بقى، وإنتي كمان هتحصليها أهوو.
عمقت "أسيف" من نظراتها نحوها، وقالت بما يشبه التمني:
-عقبالك يا "فيروزة".
على عكس المعتاد من معظم الفتيات لم تنشغل بأمر البحث عن الزوج المناسب كثيرًا، أو حتى تهتم بحدوثه من عدمه، كانت غير مبالية بذلك، تفكيرها يؤرقه أمورًا أهم من هذا، لذا هتفت تشكرها بشكلٍ روتيني:
-تسلمي يا حبيبتي.
..................................................
بدا الهروب من حلقة الضغط النفسي هو الحل المتاح حاليًا، للحصول على قسطٍ من الراحة العقلية، قبل أن يعود لهمومه المتكالبة عليه. لم يأبه "تميم" بمشقة السفر المفاجئ، واستقل سيارته قاصدًا البلدة التي دُعي إليها. كانت الطرقات غير معبدة تقريبًا حين وصل إليها؛ أغلبها رملي تثير الأغبرة في الجو حين تتحرك العربات عليها، أو ضيقة نسبيًا، تكفي لمرور سيارة واحدة ذهابًا، وأخرى إيابًا؛ لكنها تمرق بين الزراعات المشبعة بالخضرة النضرة، والباعثة بالسرور على النفس. توقف في فسحة متسعة، يبحث عن أحد المارة، ليستعلم منه عن وجهته. أطل برأسه من النافذة، وحركها في الجانبين بغير هدى. في نفس الأثناء، مرت "حمدية" على مسافة قريبة منه، لمحته دونًا عن غيرها وهي تتهادى في خطواتها. كانت سيارته مميزة، وفي نفس اتجاهها، اقتربت بتؤدة منه لتتأكد من هويته. لم تتفاجأ بوجوده، وهللت عاليًا لتفلت أنظاره إليها:
-الله! ده المعلم "تميم" بنفسه هنا!!
استدار الأخير في اتجاه مصدر الصوت الأنثوي، علامات الاستغراب ارتسمت على محياه حين رأها، وقال بدهشةٍ لم يكلف نفسه عناء إخفائها:
-إزيك يا حاجة؟ إنتي بتعملي إيه هنا؟
اعترضت على اللقب الذي منحه لها، وصاحت بتذمرٍ منزعج:
-أنا مش حاجة ياخويا، أنا لسه صغيرة .. في دور إخواتك يا معلم.
لاحت على زاوية فمه ابتسامة تهكمية، واعتذر على مضضٍ:
-لا مؤاخذة .. مقصدش.
باغتته بسؤاله مباشرة دون تمهيدٍ:
-قولي إنت جاي هنا ليه في بلدنا؟
ضاقت عيناه باستغرابٍ، وهو يردد:
-بلدكم؟!
أكدت عليه باقتضابٍ:
-أيوه..
لكن ما لبث أن أسهبت في الحديث موضحة:
-لأحسن يكون "خليل" عزمك على قراية فاتحة البت "فيروزة"، مالوش حق، ده معرفنيش إنك جاي!!
هبطت الكلمات على رأسه كالصاعقة، تصلب في مكانه للحظة فاقدًا قدرته على النطق أو الحركة، حملق فيها بعينين متسعتين في اندهاشٍ غير مسبوق، لكن ما علمه بمحض الصدفة وخز قلبه بشدة، وحز فيه بألم مهلك لم يختبر شدته مُسبقًا، انفرجت شفتاه متسائلاً بصوتٍ شبه مختنق:
-هي.. هتتخطب؟
أجابته بنوعٍ من السخرية:
-أيوه.. أومال كلنا ملمومين هنا ليه برابطة المعلم؟!
ثم أطلقت ضحكة هازئة متوقعة أن يشاركها التعليق، لكن خالف حدسها، وبقي صامتًا. لاحظت "حمدية" الوجوم المستريب الذي كسا تعابيره بشكلٍ غريب، رمقته بنظرة فضولية متفرسة، وهنا تداركت حقيقة الأمر، ليس لديه معرفة سابقة، ولذا عبرت عما يدور في عقلها مرددة:
-باين معندكش خبر..
حاول "تميم" ضبط حالة الإحباط التعسة والمؤلمة التي حلت عليه، وقال بوجهٍ حزين منطفئ:
-لأ.. وربنا يتمم على خير.
ولأنها سمة تختص بها عن غيرها، تساءلت "حمدية" بسخافة، وكامل نظراتها عليه:
-مقولتليش جاي ليه؟
لم يكن يملك من الطاقة الكلامية حاليًا ما يجاريها في قدرتها على جذبه للحوار، فَقَد رغبته في كل شيء، أظلمت عيناه، وغامت تعبيراته، حتى ما كان يتمتع به خلسة في خيالاته غير المرئية من أحلام أصبح من المحرمات عليه، ليتلاشى ما احتفظ به بينه وبين نفسه من مباهجٍ لا تخصه، لتتحول حياته للمزيد من البؤس والحرمان. تباعدت عيناه عن نظراتها التي تتفحصه، وأجابها بصوتٍ غلفه التوتر:
-دي زيارة على السريع بخلصها هنا مع جماعة حبايبي.
ألحت عليه بفضولها:
-مين يعني؟ أنا أعرف كل بيت هنا.
لم تكن لتتركه يبتعد دون أن تحظى على الرد الذي يشبع فضولها، كانت من ذلك النوع الذي لا يكل أو يمل، أو حتى يشعر بالحياء. نفخ في سأمٍ، ورد باقتضابٍ:
-بيت الحاج "اسماعيل".
هتفت بحماسٍ:
-ده نسيب "خليل" جوزي...
لم تمنحه الفرصة للاختيار، بل فرضت نفسها عليه وهي تتابع:
-خدني في سكتك يا معلم "تميم"، وأنا هوريك البيت، شكلك تبع فرح قريبة الحاج "فتحي"، ما هو كتب كتابها النهاردة على واحد مجدع كده.
وجودها المستفز زاد من حالة الاختناق المطبقة على صدره، ومع هذا لم يكن أمامه مهرب منها، لذا باستسلامٍ يائس قال:
-اتفضلي .. ما أنا معرفته.
استقرت في المقعد المجاور له بعد أن أغلقت باب السيارة خلفها، ابتهجت أساريرها مرددة في حماسٍ، لم يزده إلا آلمًا وقهرًا:
-مين يصدق جوازتين في ليلة واحدة.
تضاعفت وخزات قلبه المميتة، وانعكست آثارها على تقلص عضلات وجهه، اشتدت عروقه، واختنقت الدماء بها. بحركة غير ملحوظة من يده، رفع "تميم" ذراعه للأعلى قليلاً، وقربه من وجهه، ليمسح بإصبعه طرف عينه الذي حبس تلك العبرة الخائنة المتسللة إليه، حزنًا وكمدًا على خسارة ما لم يملكه يومًا ... !!
google-playkhamsatmostaqltradent